الأستاذ الغائب

في صباح يوم تبدو عليه ملامح الروتين كسائر أيام الأستاذ أمين , استيقظ الاستاذ و الملل ينتابه و لا يكاد يرى أمامه إلا يوم أمس. قام و رشق الماء على وجهه ثم قام بأعماله الروتينية التي أعتاد عليها حتى باتت جزء ً لا يتجزأ من شخصيته ثم أشعل موقده الصغير لتحضير القهوة و لكنه تراجع و خرج ليشربها في مقهى الحيّ , بعدها اتجه الاستاذ صوب مكان عمله.
و عند خروج مساءا فضّل تغيير الوجهة الى شاطئ البحر كي يرتاح من تعب اليوم. و رغم ان البرد قارس إلا أن لم يأبه لذلك و اكمل طريقه و عند وصوله جلس على صخرة قرب البحر و بدأ يتأمل الأمواج المتلاطمة و قال في نفسه " فعلا كم هي حرة تلك الأمواج لا يعترض طريقها شيء في أي وقت شاءت "
ثم حدثته نفسه عن التغيير في الحياة , و كم هي حياته مملة , فكّر مليا ثم وصل الى قرار الرحيل عن هذا المكان , الذي لم يعد يوحي إلا للشقاء و التعاسة .
رجع الاستاذ الى منزله و هو متفائل و البسمة تعانقه و ما إن وصل حضّر طلب تغيير العمل ثم جمع أولاده الخمسة كي يخبرهم بالأمر .
حضر الأبناء الخمسة الى المجلس و كل واحد يخاطب نفسه عن سبب هذا التجمع الطارئ و ما ان لمّح لهم عن الموضوع الا و بوادر المعارضة تظهر على أوجه الأولاد.حاول متجتهدا اقناعهم لكن لا فائدة
فالكل له أصدقاء و أصحاب هناك و لا يستطيع أحد تركه.
اتجه الأستاذ نحو سريره دون أن تنطق شفتاه تعليقا عن الرفض , لأنه هو نفسه لم يقتنع بعد ان الرحيل هو الحل الأمثل.